السؤال: خلقنا الله أحراراً، لكني لم أشعر أني حرة أبداً، فمشورتي تكون بيد أبي. مثال: أردت الخروج لبيت صديقتي فلم يوافق أبي، وبكيت، ولكن أخي ذهب للبحرين للتسلية مع أصحابه بدون مشورة أبي فهو حر. وانتقلت مشورتي إلى زوجي عندما تزوجت، ، وكالعادة لا أستطيع أن أذهب لصديقتي، لأنه أمر بذلك، وهو يخرج طول اليوم مع أصحابه، لأنه حر في خياراته، وأنا لا. هذا يجعلني اتساءل: لماذا مشورتي تكون لأبي أو زوجي، فأنا راشدة عاقلة، واعرف ربي وأخافه؟ لماذا أنا كامرأة مسلمة أحس أني لست حرّة، ومظلومة؟
الجواب: لا ولاية للأب على البنت البالغة الرشيدة في غير التزويج، ولكن لا يجوز للبنت إيذاء الوالدين أحدهما أو كلاهما. أما الحكمة من الولاية على البنت الصغيرة فأمرها واضح جداً، وذلك لمصلحة البنت نفسها. نعم يحرم على المرأة الخروج من البيت من غير استئذان الزوج. لكن ذلك يرجع أيضاً إلى الاختلاف في الخلقة بين الجنسين الذي أشرنا إليه فيما تقدم.
بيد أن هذا كله لا يعدّ سلباً لحرية المرأة أو البنت، بقدر ما هو رعاية لشؤونها، وصيانة لشخصيتها، ولذلك فقد فوّضه الله سبحانه إلى أقرب الناس وأحدبهم على مصلحتها، وهو الأب الوالد، نظراً لخبرته في الحياة، وخوفه على مصلحة ابنته، وكونه لا ينطلق في كل ذلك في العادة من منطلق غريزة أو مصلحة شخصية، بل شفقة منه على بنته، ودرءاً للأخطار المتوجهة إلى فلذة كبده. ولذلك كانت ولايته تلك محدودة من البداية بحدود رعاية مصلحتها، ولو ثبت العكس لسقطت منه.
وكذلك هو المفترض في الزوج الذي اشترت عرضه واشترى عرضها، وأصبح بعضهما لباساً لبعض، وبشرط إعطائها حقوقها، فلو عضلها أو لم ينفق عليها لسقط حقه في ذلك. هذا بالنسبة إلى البنت الصغيرة والزوجة. أما الثيب والمرأة المستقلة بشؤون نفسها فلا ولاية لأحد عليها!.
وإن البنت التي تستشعر التقييد عند الصغر، أو من زوجها عند الكبر، هي بنفسها ستدرك أهمية هذه المراقبة والصيانة، حينما تكبر وتصبح أمّاً، ولسوف تقاتل من أجل الدفاع عن شرف ابنتها القليلة التجربة، السريعة الانفعال، الجياشة العواطف، وإن كانت البنت تستشعر في نفسها الكمال والاستغناء عن إرشاد الأبوين.
ثم إنه لا بد من التفريق بين تعامل الآباء كأعراف وتقاليد، وبين أحكام الشرع الصادرة من لدن رحيم حكيم خبير.
سماحة الشيخ عبدالحسن نصيف.