يتميز أتباع أهل البيت عليهم السلام بعدة أمور تعتبر خطوط عريضة ينفردون بها دون غيرهم من أتباع المذاهب الإسلامية الأخرى، المودة للقربى أهمها فهم لا يفسرون المودة هنا فقط بالمحبة لأهل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما المذاهب المخالفة بل يفسرونها باتباعهم قولاً وعملاً أيضا، هذا أمر واضح وجلي لا يستدعي تبيانه كثير جهد.
ولكن هناك خط عريض ربما يخفى أو لنقل لا يُلتفت له كثيرا ألا وهو رقة القلب والتضرع لله.
ربما للوهلة الأولى يُستنكر القول بانفرادهم بهذه الخصلة، ولكن لو دققت النظر في أحوال المذاهب الأخرى سينكشف لك مدى انفرادهم بها، فالأمور تعرف بأضدادها.
أنظر للمذاهب الأخرى وقسوة قلوبهم، فهي واضحة وجلية، بل تراهم يسخرون من أتباع أهل البيت عليهم السلام وكثرة بكائهم على الإمام الحسين عليه السلام، وعند موت أحدهم ينهرون من يبكي، وأيضا لا يعقدون مجالس الدعاء التي هي من مظاهر التضرع لله.
ولنمعن النظر بمن أين أخذ الشيعة هذه الخصلة وهل هي تتوافق مع كتاب الله وسيرة النبي وأهل البيت صلى الله عليهم؟، ها هي آيات كتاب الله واضحة جلية بوجوب التضرع له سبحانه: ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كٱلحجارة أو أشد قسوة وإن من ٱلحجارة لما يتفجر منه ٱلأنهار…البقرة [74] فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم ٱلشيطان ما كانوا يعملون.. الأنعام (٤٣)… إذا تتلى عليهم آيات الرحمان خروا سجدا وبكيا) مريم ٥٨… وغيرها الكثير من الآيات الدالة على أهمية رقة القلب والبكاء والخشوع لله لكسب رضاه.
واللافت أن آيات التقريع لقسوة القلوب موجهة لليهود فانظر للتطابق العجيب بينهم وبين قساة القلب في هذه الأمة، تشابهت قلوبهم!.
وها هي أحاديث أهل البيت عليهم السلام وسيرتهم وأدعيتهم التي تفردوا بها مليئة بالحث على التضرع والاستكانة لله.
فعن النبي صلى الله عليه وآله في خطبة الوداع: ومن ذرفت عيناه من خشية الله كان له بكل قطرة من دموعه مثل جبل أحد يكون في ميزانه من الأجر.
وعن الإمام علي (عليه السلام): بكاء العيون وخشية القلوب من رحمة الله تعالى ذكره، فإذا وجدتموها فاغتنموا الدعاء.
وها هو زبور آل محمد صلى الله عليه واله ومئات كتب الأدعية التي لن تجد ولو ربعها عند مذهب آخر دالة بوضوح على ذلك.
عندما تريد أن تعرف أحقانية مذهب معين فانظر لسماته البارزة فإن وافقت ضروريات القرآن والسنة فقد ظفرت بفوز الدارين، وإن لم توافقها فهناك تزييف وتحريف.
ميرزا المحفوظ