أستغرب ممن يرون في الجبال أوتاداً للأرض فقط ولا يرون أن مراقد النبي (ص) والأئمة (ع) وإمام العصر (عج) الأوتاد الحقيقية حتى تستقر الأرض بأهلها. ربما هذه الحقيقة يعتبرها البعض مجرد قناعات لا يمكن فرضها على الآخرين فلذلك دع كل إنسان وقناعاته.
ولكن لو دققنا النظر في هذه الحقيقة لوجدناها حقيقة كل من يؤمن بعداها خارج عن الواقعية الخارجية أو على الأقل خارج عن احترامه للإنسان ومخالف لقناعاته.
فلا يمكن للمذاهب المخالفة والمسيح واليهود وأصحاب الكتاب أن يؤمنوا بما نؤمن به نحن بحقيقة لو لا وجود الإمام لساخت الأرض بأهلها، وعندما قبض الإمام السجاد (ع) بيده الشريفة الأرض عندما ارتجت حين احتُز رأس الحسين (ع) وأمرها بالاستقرار، ولكنهم يؤمنون بطوفان نوح (ع)، وقتها لم تعصم الجبالُ الإنسان إذ عَمّها الطوفان وكان وتد الأرض هو نوحاً (ع) في سفينته.
ولا يمكن للملحد أن يؤمن بما نؤمن به أو يؤمن به أهل الكتاب ولكنه يؤمن بأن الكون مسَخّر للإنسان بالتأكيد، فنحن نسبح في فضاء لا نهاية له فوق كرة سخرت لنا فيها كل سبل العيش للتنفس والغذاء والحياة وأكمل مخلوق على وجه الأرض هو الإنسان، نعم هو لا يؤمن هاربا من الحقيقة بأن كل هذا له خالق، ولكنه يؤمن بالطبع بعقله وإنسانيته أكثر من إيمانه بجمادات الأرض والكون، فعندما يعتقد أنها السبب للوجود دون الإنسان فسيخالف اعتقاده بعقله وإنسانيته لأن الجمادات لا تملك هذه الجوهرة (العقل) إذ لا عقل لها.
ولكن نحن البشر العاديين لا يُتصور أن نكون أقصى كمال للعقل وصل له الإنسان، انظر للعلوم التي اكتشفها الإنسان هل اكتملت؟ وهل ستكتمل إذا استمرينا على هذا المنوال الحلزوني بعد مئات السنين؟ بالطبع لا، فإذن لا بد من وجود إنسان كامل وتد يستقر عليه الكون المُسخّر له وإلا ستكون غاية وسبب خلق الكون ناقصاً.
من أمام مرقد وتَدَي الأرض الكاظم والجواد (ع)، الكاظمية المقدسة ١٤٤٤هـ.