استثار شيخ السلفية نفسه نصرة لدين التوحيد كما يتصور مخاطبا المتوسلين بالنبي (ص) وأهل بيته (ع) بقوله: أنا أدعو يالله وأنت تدعو يا محمد ويا علي إلى آخر ما قاله.
الغريب أن هذه الشبهة بسط لها علماؤنا كثيرا من البحوث والكتب وتم الرد عليها بما لا يدعو مجالا للشك في صحة فعل المتوسلين بالنبي (ص) وأهل بيته (ع)، ولكن أعتقد أن هذا التكرار واضح الأهداف والمقاصد.
وللرد على هذه الشبهة وأمثالها أبين للقارئ الكريم نقطتين عند فهمها بشكل واضح لا تربكه هذه الشبهة وأمثالها.
النقطة الأولى كما يشرحها مرجع الطائفة في زمانه الشيخ جعفر كاشف الغطاء في كتابه منهج الرشاد، بقوله رضوان الله عليه: أن اختلاف الأقوال والأفعال باختلاف المقاصد (والنيات).
ولشرح العبارة: متى ما سمعت أحدا ينادي يا علي أغثني فعليك بنية وقصد المنادي هل قصده أن علياً (ع)شريكٌ لله أم قصده أن علياً شفيعٌ عند الله، على أن مسألة الشرك واضحة لعوام الناس فضلا عن علمائها، فلا يمكن تصور أحداً ينادي علياً (ع) كشريكٍ لله وهو يقرأ آيات القرآن التي تلعن المشركين والكافرين.
النقطة الثانية هي أن هذه الشبهة التي يكررها السلفية دائما تكشف عن مغالطة وقعوا فيها، وهي ناجمة عن ابتعادهم عن أئمة الوحي (ع).
المغالطة هي أنهم يقولون بأن الله قريب (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب) فلا حاجة لوسيلة وشفيع حتى يسمع الله دعاءنا فهو أقرب إلينا من حبل الوريد.
صحيح هذا الأمر ولكن حصلت المغالطة لهم هنا: الله قريب لعباده ولكن هل عباده قريبون منه؟، أئمة الوحي في أدعيتهم وأحاديثهم يؤكدون على أن الله قريب ولا يحتجب عن خلقه ولكن العبد بعيد عن الله بسبب الحُجب التي تكونها الذنوب.
نقرأ في دعاء أبي حمزة الثمالي المروي عن الإمام السجاد (ع): "وأنك لا تحتجب عن خلقك إلا أن تحجبهم الأعمال دونك".
وفي كتاب الله: وابتغوا إليه الوسيلة.
وفي كتاب الله: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ…. 57) ﴾- سورة الإسراء
إذاً لابد للعبد من وسيلة ليصل بها إلى الله وإلا لن يكون بمقدوره الوصول إليه بسبب بعده عنه جل وعلا.
ومن أقرب من النبي (ص) وأهل بيته (ع)؟
نقرأ في الزيارة الجامعة: اللهم إنّي لَو وَجَدتُ شُفَعاءَ أقرَبَ إلَيكَ مِن مُحَمَّدٍ وَأهلِ بَيتِهِ الأخيارِ الأئِمَّةِ الأبرارِ لَجَعَلتُهُم شُفَعائِي.
على أن التوسل أيضا من باب الأدب مع الله، ومثاله لو أن لك حاجة عند الملك فمن الأدب أن تخاطب وزيره أو أحد المقربين منه ليخاطب الملك في شأنك وهو أنجح في استجابة طلبك.